أتفق مع مصطفي البرغوثي فيما قاله عن لوم الضحية ، فما يدور من نزاع الآن بين حماس وفتح ربما يكون واجهة ذرائعية تلوح بها أطراف عديدة للترويج لفكرة أن هذا الصراع هو المسئول عن حصار غزة لكن الحقيقة هي العكس ، هي أن حصار غزة هو المسئول عن الصراع بين فتح وحماس ، وأظن أن علم النفس الاجتماعي يسعفنا بشدة في هذا .
هناك تجربة معملية مشهورة وهي أننا لو وضعنا ذكر ووليفته من أي نوع من حيوانات التجارب في قفص ومنعنا عنهما الطعام لفترة طويلة فان النتيجة الحتمية مبدئيا هي أن تتحول العلاقة الحميمة بينهما الي كراهية ثم تنتهي التجربة بأن يأكل أحدهما الآخر !!!!!!، الجميع يعرف ذلك ، ويعرف أيضاً أن أطرافاً عديدة كانت تتابع حصار ياسر عرفات في رام الله قبل أن يكون هناك نزاع بين حماس وفتح . إذن فكرة أن النزاع بين حماس وفتح هو المسئول عن الحصار ليست أكثر من متراس إعلامي تتحصن خلفه القيادات العربية للاحتماء من لوم شعوبها علي المساهمة في الحصار .
أيضاً وضع إسرائيل كسبب واحد ووحيد لحصار غزة هو افتراض مريح يلجأ له الجميع لنفض أيديهم من الجريمة الغير مسبوقة في تاريخ الإنسانية ، جميعنا مسئول عن ما يحدث في غزة ، جميعنا متورطون ومتواطئون سواء بالصمت أو بالتشويش علي واقع غزة ومسبباته ، بلا استثناء ، الشعوب والحكومات العربية متورطة في ذلك ، والذين يضعون كل اللوم في مربع مصر هم أيضاً متورطون بهذه الذريعة ، نعم الحكومة المصرية عليها مسئولية كبيرة بحكم وجودها علي الحدود مع قطاع غزة ، لكن ذلك لا يعني أن العرب غير مسئولين فهم مساهمون أساسيون في تلك الجريمة ، والضغوط الأمريكية لا تعني بأية حال من الأحوال أن نتحول الي إسرائيليين أكثر من الإسرائيليين أنفسهم . نحن نملك ما نضغط به وهو قائمة طويلة , لكن المفارقة المفجعة أن هذه العوامل تستخدم للضغط علينا وليس للضغط لمصالحنا .
في خلفية كل ذلك تقف حسابات لا يمكن لأحد نكرانها ، لعل أهمها ما أستطيع أن أسميه فوبيا حماس ، كثيرون يعتقدون أن ما حدث من تطورات سياسية دراماتيكية في قطاع غزة قد يمثل امتداد يؤثر بالسلب علي المسار السياسي هنا أو هناك ، هم يلعبون علي عامل الوقت ويعتقدون أنه كلما طال أمد هذا الحصار كلما كانت فرص سقوط حماس أكثر والخلاص من هذه المنغصات أقرب .